خدام الدولة الحقيقيون هم جنودنا البواسل.لكن من يسمعك،ومن يحس بك،ايها الجندي المسكين.هل تعلم انك تحارب لتحمي الوطن من الأعداء،والعدو داخل الوطن ينهش في الوطن من الداخل.شكون ساق ليك لخبار.عندما تجالس احدهم تظهر النظرة الحقيقية التي ينظر بها الى الجندي. منهم من تصدم عندما يقول لك ساخرا انتم لا تدافعون الا على لقمة عيشكم.او عندما يتفلسف احدهم قائلا انتم قطاع غير منتج،تستهلكون وتنامون وتستنزفون اموال الدولة وانتم لا تنتجون شيئا.يقول ذلك لانه لم يعش لساعة واحدة في تلك الأجواء ليفهم.وانا لمثل هولاء اقول،يامن نسهر الليالي في اقصى الحدود مباشرة وجها لوجه مع المجهول مع الترقب ،ومع انتظار الذي ياتي او لا ياتي،يا من تتبجح سكرانا نشطا وانت تتجول في الاسفار والرحلات والولائم وغيرك مرمي في الحدود بعيدا عن زوجته المسكينة التي تزوج بها وردة وتركها تذبل شيئا فشيئا بينما هو يعاني الفراق والحرمان والكبت.يامن لا يروقه ماء الصنبور وغيرك يشربه مختلطا بالتراب وهو يشربه بمقدار بينما انت تستحم بطن من الماء وتترك الحنفية مفتوحة.ايها الجاهل الذي سخرت من جندي لانه مرض بحصى الكلي وانت لا تعلم قيمة الماء الصافي.أسوء المواقف عندما تاخد راتبك الخجول وتقسمه على اربع ،طرف لابنائك وطرف لوالديك وطرف نزير لك وطرف للكراء ...باعتبار انك لتقتني سكنا يجب عليك ان تبحث عن عصى سحرية.انت اول من يجب ان يوفر له سكن مجاني.لان الوطن يسكن قلبك بالمعنى الحقيقي لا بهتافات مجانية لبعض الذين ياكلون التمر وترمى بالنوى.والحقيقة ان التجنيد الاجباري لكل فئات الشعب ضروري،لا نقول ثلاثين او اربعين سنة وانما ولو لسنة واحدة يعيشها كل مواطن في الحدود،يجرب ويفهم ويقتنع،حتى اذا انتهت مدته وعاد للحياة الطبيعية وشاءت الصدفة ان تقف معه في طابور طويل،انا متاكد انه سيمنحك مكانه لتتقدم انه يعلم انك تخطيت أربع مائة كلمتر في طريق غير معبد وأنك ركبت الشاحنة في جو بارد فجرا ودارت فوق راسك شمس النهار حتى غربت وقد اختلط لديك الشعور بالبرد والحر والغثيان .سيعلم ان وقت اجازتك ضئيل وان ظروفك صعبة وان وقتك محسوب عليك،هو يحس ببكاء زوجتك عندما تجمع امتعتك للعودة ،سيحس بابنائك الصغار وهم يتعلقون بك ويتوسلونك لتبقى معهم.سيعلم انك اختفيت عن ابنائك 5 اشهر وانك اتيت السبوع الماضي وسترحل الاسبوع القادم،سيحس بصدمة الوقت لديك ،وسيحس بزوجتك التي بكت عند مجيئك بفرحة وحزن .فرحة لانك اتيت وحزن لانك سترحل قريبا كنورس مهاجر.كم الموقف صعبا عندما تترك زوجتك حاملا،وتاتي وقد انجبت وهي تلومك في قرارة نفسها لانك لم تساندها ولم تكن بجانبها وهي تتالم في الولادة،والمضحك انك سترحل وفي المرة القادمة ستعود لتجد ابنك يخاف منك لانه لم يعرفك،لانه نسي وجهك.اعرف احد الجنود ،دهب الى المستشفى باحد المدن،وعندما حاوره الطبيب قال له (اش كاتصنعوا لينا تما زعما،ياك عاطينها غير للنعاس والماكلة)،قال لي والله صدمت لما سمعت،ويظهر ان الطبيب لا يزال صغيرا (ولد بابا وماما وجيل فالشعر والليدين بيضين مافيهومش النبشة ديال شي تامارة دازت باي شكل من الاشكال)،يقول ذلك الحندي،مثل هؤلاء الناس هل يستحقون ان تتشرد لاجلهم،وانا الذي التحقت بالجندية وشعر لحيتي لم يظهر بعد،وهاانذا بعد خمسة وثلاثون سنة اسمع مثل هذا الكلام.ان معنى التضحية لا يحس به الا الذي عاشه،لا الذي سمع به.لماذا الدركيون يقدرون الجنود،لان معظمهم قضى فترة ولو محدودة معهم ففهم ظروفهم .وعلى فكرة فالجندي اكثر الموظفين تضحية،بانفسهم وحتى براتبهم،فلا تكاد تسمع بجندي اناني ياكل راتبه لوحده،والجندي تزرع فيه شيمة الرجولة والحنان،فتجد مثلا عائلة بها موظفون راتبهم اربع اضعاف راتب الحندي وتجده الاكثر اهتماما بوالديه ،واذا كانت اخته عانسا فهو من يحتضنها لتستقر معه،فالحنان والانسانية سمة الجندي المغربي بامتياز.
.
الرسالة منقولة من احد جنودنا الابرار المرابطين بتخوم الصحراء الى خدام الدولة ؟
.
المعازيز 24
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق